الاضطهاد الفكري

لا يظهر في القرن السابق أن جماعة قد اضطهدت لمجرد فكرها وعقيدتها غير الجماعة الإسلامية الأحمدية.

أما القول إن الجماعة الإسلامية الفلانية أو العلانية تلاقي اضطهادا وسجنا وتعذيبا وتشريدا وتقتيلا، فإن مردّ ذلك إلى أعمالها المادية وليس إلى فكرها؛ ذلك أن بعضها يسعى لاغتيال مسؤولين في النظام الحاكم، وبعضها الآخر يخطط سرا للقيام بانقلاب عسكري ضد النظام. وأما الجماعات المسيحية فيعود اضطهاد بعضها إلى سلوكٍ غريب يؤدي إلى انتحار الأتباع وما شابه ذلك من أعمال مضرة بهؤلاء الأفراد. وهكذا لو رحت تتتبع الاضطهاد في العالم كله ما وجدت اضطهادا فكريا إلا ضد جماعتنا الإسلامية الأحمدية.

فما السبب في هذا الانفراد؟

قبل ذكر السبب الذي لا سبب غيره، يجدر التذكير بأن الأنبياء عبر تاريخهم قد تعرضوا لاضطهاد كبير، ولم يبعث الله نبيا ثم رحب به قومه وفرشوا طريقه بالورود! بل (يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون).. (وكلما جاءهم رسول منهم كذبوه)..

لقد وضح أسباب المعاداة المودودي الذي ظل معارضا للجماعة داعيا إلى منع أي فرد فيها من ادعاء الإسلام، حيث قال تحت عنوان: الأسباب الأساسية الثلاثة للنزاع:

السبب الأول هو نشاط أتباع هذه النحلة الجديدة، وتحمسهم للدعوة إلى فكرتهم ومثابرتهم على المجادلة والمناظرة مما جعل كل رجل منهم يحدث صراعا عنيفا في بيئته ووسطه الذي يعيش فيه.(المودودي، ما هي القاديانية، ص107).

أليس هذه التهمة هي ذاتها التي وجهها الكفار للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنين معه؟ أليست هي التحمس للدعوة؟ أليست هي إحداث صراع فكري داخل محيطه؟ أليست خالية من أي عمل عسكري أو تآمري؟

نعم، هذا هو الاضطهاد الحقيقي. إنه معاقبة شخص، بأي طريقة كانت، بسبب فكره فقط. أما المعاقبة بسبب السلوك الذي يضر بالآخرين، سواء أكانوا أفرادا أم حكومات، فليس باضطهاد. لذا فإن سجن الحكوماتِ بعضَ المشايخ –أحيانًا- ليس اضطهادًا؛ إذ إن ذلك ليس لمجرد فكرهم، بل لمحاولاتهم الانقلابية، أو إثارة البلبلة في الشارع، أو ما شاكل ذلك. من هنا لا يجدر أن يقال إن حزب التحرير مضطَهَد، بل هو حزب له آراؤه التي يؤمن بها، وله خططه الانقلابية العسكرية التي توجب على أي حكومة مقاومتها، حتى تبقى محافظة على نظامها. ولا يعني قولنا هذا أن آراء الحكومة هي الحق، أو أن آراء الحزب هي الباطل، بل لا علاقة للصحة والبطلان في موضوعنا. إننا نتحدث عن حدود الاضطهاد فقط. فقد يضطهدُ مسلمٌ كافرًا، وقد يضطهدُ كافرٌ مسلمًا. فالمضطَهدُ ليس على الحقِّ دومًا، وليس على الباطل أبدًا. لكن الاضطهادَ نفسه باطلٌ وجريمة. وليس كل من ادّعى الاضطهاد فهو صادق في دعواه.

Evil or Very Mad

يسلموااااااااااااااااااااااااا
تم النقل الى منتدى النقاشات الاسلامية